الرئيسية / مقالات / مكافحة الفساد

مكافحة الفساد

بقلم المحامي عدنان نعمة

صادق لبنان على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب القانون رقم 33 تاريخ ١٦/١٠/٢٠٠٨و بموجب المادة 33 من الاتفاقية المذكورة التي نصت على وجوب «حماية المبلغين»، أي كاشفي الفساد، وقد جاء فيها ما يلي:”تنظر كل دولة طرف في أن تدخل في صلب نظامها القانوني الداخلي تدابير مناسبة لتوفير الحماية من أي معاملة لا مسوغ لها لأي شخص يقوم، بحسن نية ولأسباب وجيهة، بإبلاغ السلطات المختصة بأي وقائع تتعلق بأفعال مُجرمة وفقا لهذه الإتفاقية”.وبناءً عليه فإن الدولة اللبنانية ملزمة بإدخال المبادئ والقواعد التي تنص عليها المعاهدة المذكورة في التشريع اللبناني وسن قوانين تجسد التزاماتها وتعهداتها الدولية. لا سيما لجهة محاربة الفساد وإنزال العقاب بمرتكبي أعمال الفساد.فكان عليها اتخاذ عدد من التدابير الداخلية، تبدأ بالتثقيف حول ضرر الفساد، جاعلة من محاربة الفساد إحدى أسمى المعارك الوطنية، ومن موضوع عدم الإفلات من العقاب صلب أولوياتها لقيام دولة حكم القانون ،والشفافية تصبح واجباً وطنياً بالنسبة لكل فرد.وبما ان على الدولة اتخاذ جميع التدابير الوقائية من الفساد للحؤول دون حصوله، كوضع أنظمة سلوكية لكل مؤسسات القطاع العام، وتشجيع مؤسسات القطاع الخاص على أن تتبنى بدورها أنظمة أخلاقيات خاصة بكل واحدة منها.وإذا كان على الدولة مكافحة الفساد والقبض على مرتكبي الفساد ومحاكمتهم ثبتت ضرورة تأمين الحماية اللازمة لكاشفي الفساد إضافة الى تحفيزهم على القيام بالكشف.من إجل كل ذلك، أُعد اقتراح قانون حماية كاشفي الفسادو يتضمن هذا القانون حماية كاشف الفساد من الضرر الوظيفي أو غير الوظيفي الذي قد يصيبه من جراء قيامه بكشف الفسادو إعطاء صلاحية الاستقصاء بالنسبة للجرائم التي يكشفها المواطنون الى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد و هي الذراع الرادع لمحاربة الفساد التي ذكرت في اقتراح قانون محاربة الفساد لكن عن أي حماية نتكلم في ظل عدم تشكيل الهيئة ؟و  ان تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة بحذافيرها يستوجب تعديل قانون الإثراء غير المشروع بالإضافة الى قانون حق الوصول الى المعلوماتهذه الإقتراحات مترابطة فالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لم تشكل بعد مما يؤدي الى تعطيل القوانينفبالنسبة لقانون حق الوصول الى المعلومات ليس معطل بالكامل بل معطل جزئياً خاصة في ما يتعلق بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد  فهذا القانون فتح المجال امام المواطن ليواجه الإدارة و مطالبتها بالمعلومات و يعطي الإمكانية في مواده ٦،٧،٨ الى الزام الإدارة بنشر المعلومات- لكن من يطبق ؟- بموجب هذا القانون يجب ان نأتي بأدوات تلزم الادارة وفقاً للمادة ٩ بنشر القرارات على مواقع الكترونية و المادة ١٥ اساسية لتحريك هذا القانون و على كل ادارة ان تكلف موظفاً لإتمام هذا القانون ، فوفقاً لدراسة اجريت في آب ٢٠١٨ بوضع تقرير حول الموضوع و مدى التزام الدولة بتطبيق قانون حق الوصول الى المعلومات فكان الرد من اصل ١٣٣ ادارة فقط ٣٤ ردّت و البعض رفض استقبال الطلب ( نحن نخلق من خلال تشريعاتنا مكامن للفساد)- فالمادة ١٩ من هذا القانون في حال رفض الإدارة إعطاء معلومات لمقدم الطلب مهلة شهرين لللوجوء الى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لكن في ظل عدم تشكيل هذه الهيئة ماهو الحل ؟ يمكن تقديم مراجعة لدى مجلس شورى الدولة ضد قرار اداري نافذ و ضار بالإضافة الى ان يكون نزاع احتمالي ،حالي  و التعرض للأساس كونه صدر قرار عن الإدارة- لكن هل صدر اي قرار عن هذا المجلس الزم فيه الادارة بإعطاء معلومات لأي مواطن تقدم بمراجعة ؟… ( رغم المراجعات الكثيرة التي تقدمت بهذا الموضوع )- ان الوضع القانون اليوم لا يسمح بفعالية قانون حق الوصول الى المعلومات لأنه معطل في ظل غياب الهيئة و تتجلى ضرورة انشاء الهيئة من خلال القرارات القضائية  …– اما بالنسبة لقانون الاثراء غير المشروع رقم ١٥٤ تاريخ ٢٧ كانون الأول ١٩٩٩ الذي الغى القوانين السابقةواليوم بعد مرور نحو 18 عامًا على صدور القانون لم تُقدَّم أية دعوى إثراء غير مشروع بحق أحد من الموظفين في الدولة أو الوزراء أو النواب بالرغم من أنَّ كثيرًا من مظاهر الإثراء التي تظهر على القائمين بخدمة عامة ناتجة عن إثراء غير مشروع في معظم الأحيان. لكن من يجرؤ على تقديم شكوى؟ ما نفذ من  القانون هو فقط الحيّز المتعلق باعتبار بعض أعضاء المجالس البلدية مستقيلين لأنهم لم يقدموا التصاريح المطلوبة منهم. وهذا الإجراء لم يحصل إلَّا بناءً على إخبار.من هنا، إن تعديل القانون وإلغاء هذه العوائق والقيود بل وتشجيع اللبنانيين ومنحهم جوائز في حال صحة الشكوى هي المدماك الأول في خطة مكافحة الفساد إذا كانت هناك جدية في استئصال هذه الآفة .- بعد الإطلاع على هذه التفاصيل و التدقيق في تطبيق إتفاقية الأمم المتحدة بحذافيرها يمكننا القول بأن الدولة اللبنانية لم تعتمد المعايير اللازمة لمكافحة الفساد .

F

عن INN-News

رئيس التحرير

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

عصابة في لبنان بطلها “سجين “في سجن رومية

محمد عوّاد قام المدعو “داني” بعرض شقّته للبيع على موقع OLX (وهو موقع الكتروني وتطبيق ...