حلّوا القوات .. يوم انحلّت أخلاقهم

الشيخ محمد الحاج حسن / رئيس التحرير

في 23 آذار 1994 قرأ ميشال سماحه قرار مجلس الوزراء حل حزب “القوات اللبنانية” ظنا” منهم أنّ بذلك تنتهي حقبة المقاومة اللبنانية الوطنية ويندثر حلم الشعب الثائر وتُفتح الأبواب أمام نظام أمني باطش تقوده غرفة عمليات عنجر والبوريفاج لتنفّذ أوامر دمشق .

يوم وقف ميشال سماحة وزير الإعلام في حكومة الوصاية ليعلن انحلال أخلاقهم حلّوا حزب القوات اللبنانية ، وبرهنوا عن استزلامهم لنظام أمعن في قتلنا وترهيبنا وتدمير مؤسساتنا واستمر بالتخطيط لهدم وحدتنا حتى اليوم مستخدما” نفس الأدوات والأزلام ومنهم ميشال سماحة نفسه ، ناقل متفجرات علي مملوك .

حوّلوا القوات اللبنانية إلى بعبع ، وألبسوهم كلّ أثواب الشرّ والرذيلة والدموية والإجرام ، ليطمسوا حقيقة واحدة أنّ القوات وقائدها وجمهورها يمتلكون ملكية الإنتماء إلى الوطن لا إلى الأوطان المتعددة الجنسيات .

يوم كنت مشاركا” في 14 آذار 2005 إبان انتفاضة الإستقلال وثورة الأرز في مخيم الحرية ، كان يجول معي شبان من الضاحية الجنوبية ، فسألوني يوما” فيك تاخدنا على خيمة القوات تا نشوف كيف شكلهم ؟

يومها تعرّفت على قوات الفكر والثقافة والإيمان بوطن الشراكة ، تعمّقت في وعيهم ونظرات مثقفيهم الثاقبة نحو مستقبل وطن سيّد حرّ مستقل .

وتنامت العلاقة التي تجذّرت في الأعماق ، لتثمر ثورة الوعي وتحطّم حواجز الخوف وقيود الأسر .

اليوم وبعد مرور 25 سنة على قرار الإنحلال الأخلاقي لهؤلاء ، أدركنا حقيقتين ساطعتين كالشمس والقمر مهما زور البعض وهوّل ، الأولى أنّ رمات السهام على القوات هم أكثر بشاعة ودموية مما كتبوه عنها ، والثانية ، القوات حاسبت نفسها على أخطاء الحرب وانطلقت نحو بناء مستقبل وطن السيادة والحرية ، فأثبتت جدارتها في إدارة المؤسسات وأخذت تموضعها الطبيعي على مقاعد التشريع .

القوات ، سجنت ، سلمت سلاحها ، خلعت ثوب ميليشيويتها ، تقهقرت في ظلمات السجون والملاحقات ، سددت فاتورتها وزيادة ، أما الآخرون الّذين أجادوا نقل البندقية والتلوّن مع المتغيرات والإستزلام والتمسك بالمصالح الشخصية على حساب القضية بقيت آثار جرائمهم ودمويتهم وعبثهم بالأمن القومي والإستقرار ومشاركتهم بالحرب القذرة طي الكتمان لا بل أصبحوا زعماء وقادة وقدوة يعيبون على سمير جعجع وقواته وجمهوره .

في ذكرى حلّ القوات اللبنانية تحيّة شكر لحكيم الصبر الّذي قبع 11 سنة من الظلم في غياهب السجن ولم يتنازل عن قضيته ومبدأه .

تحية لشبان وشابات القوات الّذين اتخذوا من محنة القوات قضية للنضال والتحدي للوصول إلى الدولة .

تحيّة للشهداء وعوائلهم الّذين كتبوا بدماءهم حكاية نضال ورسموا مستقبل وطن .

تحية لمؤسسة القوات التي أصبحت مدرسة جامعة يتخرّج منها القادة والقدوة .