تركيا و الاستراتيجيات الغائبة

نبيل الجوهري

الدولة العثمانية… و مَن مِنّا لم يقرأ امجادها و يسمع عن انتشارها من الشرق الى اقصى المغرب لعقود و قرون؟ و الأتراك، شعب عريق متجذر له باع في الحضارة و الغنى التراثي و الفكري.

يلهو الساسة الاتراك منذ فترة طويلة بمحاولات لبسط سيطرة صورية في اماكن عدة قريبة تلاصق حدودهم لتصل الى الخليج العربي و التواجد العسكري فيه، من الصعب استشراف اية فائدة منه، اضافة لتزلف سياسي بين الحين و الاخر للانضمام الى الاتحاد الاوروبي.

الم يرَ هؤلاء ما وصلت اليه بريطانيا، المملكة ذات التاريخ و الأثر الحضاري و الثقافي، من انضمامها للاتحاد الاوروبي و تمزق شارعها الآن بين مؤيد للانفصال و رافض، يغلب على الاثنين عدم الإدراك الكلي لنتائج اي من التصرفين؟

هل في انصهار الارث العثماني/التركي في هوية جديدة غريبة من الافادة بمكان لهذه الامة التاريخية؟ و هل يعلم الساعون الى “اتحدة” تركيا بنتائج هذا الانضمام، ان حصل؟

بغض النظر عن حسنات و مساوئ الدولة العثمانية، فأسلافكم تركوا لكم ارثاً حضرياً امتد لأزمان، فالعثمانيون انتشروا في اوروبا هذه قبل وصول التنوير اليها، ما بالكم تترجون حكامها دمجكم بها؟!اليس من الأجدى ان توجهوا قدراتكم الفكرية و السياسية و المالية الى الداخل التركي و تحققوا رفاهية شعوبكم، ثم تواصلوا في نشر لغتكم و ثقافتكم عبر المراكز الثقافية و استبدال المسلسلات المدبلجة بأخرى باللغة التركية المترجمة كتابة في اسفل العرض؟ فتعتاد الشعوب الاخرى على سماع لغتكم بلهجاتها و التقرب من واقعكم؟

امنعوا التعامل بغير الليرة التركية في الاسواق المحلية و المنصات الالكترونية، و اجعلوها طريقة الدفع الوحيدة كمحاولة لاستعادة قيمتها التي تدنت بشكل مخيف في الآونة الأخيرة.نعم لا يجوز للأمم التي لها تاريخ الامبراطوريات ان تعامل كتلك المتزلفة التي لا أم لها و لا أب.

الأخوة الأتراك، و قد تركتم العديد من مصطلحاتكم في لغتنا حتى اليوم، افيقوا و اقرأوا تاريخكم مجددا، ثم اعيدوا النظر بخططكم الاستراتيجية و ادخلوا السرور الى قلوب اسلافكم حيثما كانوا.