وطن النّجوم!

محمد حمود

تربينا منذ صغرنا وترعرعنا على أبيات الشاعر إيليا أبو ماضي “وطن النجوم أنا هنا حدّق اتذكر من أنا ؟”، لكن لم نتصوّر يوماً أنّ النجوم التي تحدّث عنها الشاعر ورسمناها في أذهاننا أن تكون على هذه الصورة التي نراها اليوم .

نجوم الفساد والنهب والسرقات .. نجوم الظلم والقهر والتجويع .. نجوم الكذب والنفاق..

لماذا أصبح وطن النجوم أرضاً بُوراً؟ لماذا سلّمنا رقابنا وأرزاقنا لمافيات الفساد التي لا تعرف رحمة ولا شفقة ولا تمت الى الوطنية والإنتماء بصلة؟

اليوم يرفعون كلهم شعار محاربة الفساد، حتى وصلوا الى تمييع هذا المصطلح وغطّوا على جرائمهم في تكديس المليارات من جيوبنا وحقوقنا. كلهم اليوم ملائكة يحاربون الفساد .. قدّيسين يدّعون العفة والطهارة ..
وكلٌّ يدّعي وصلاً بليلى وليلى لا تقرّ لهم بذاك.

الطبقة السياسية الحاكمة والبطانة الاعلامية والفنية من حولها يتحكّمون في رقابنا ويتلاعبون بلقمة عيشنا .. ويذلوننا كل يومٍ ألف مرة .. 

مَن منّا لا يعاني في كل جانب من جوانب حياته اليومية ألف معاناة ، من لقمة العيش الى البنزين الى التعليم الى الطبابة الى الغلاء المعيشي الى الفواتير التي ندفعها مرتين كل آخر شهر من ماء وكهرباء وهواتف وانترنت ووو…

يأتي من يتلطّى بالوطنية ويكدّس ملياراته من جيوبنا، ويأتي من يتلطّى بالدين لينفّذ مشاريع أجنبية على حساب دماء شبابنا، ويأتي من يتاجر بحياتنا في الدواء وتلوّث الهواء والمياه ليزيد في أرصدته .. ويأتي من يهتّ علينا مراجل بمحاربة الفساد وهو الحوت الحامي لوزاوز الفساد في البلد من تجار مخدرات وشبكات دعارة وأدوية فاسدة ولحوم فاسدة .. ويأتي من “يجغّل” علينا بوقوفه الى جانبنا في مواجهة هذه العتاعيت التي تحكمنا وهو تربّى في أحضانهم لخدمتهم عند الحاجة .. وكل يوم يخدّروننا بفضيحة هنا وفضيحة هناك ، وكل يوم تولد على أيديهم مافيا جديدة، آخرها الإجراءات الجديدة لـ”تاكسيات” المطار وغيرها…

في النهاية ، النظام الطائفي كفيل بحماية هؤلاء الفاسدين. وبإمكان أي منهم التلطي خلف ستار استهداف الطائفة. ولا أحد من كبار السياسيين ممن راكموا مليارات الدولارات خلال وجودهم في الحكم، سيُحاسب. “شوية أكباش” تُرمى هنا وهناك للمحرقة..
الخلاصة .. شدوا الأحزمة فالآتي أعظم ..