ضباط الأحزاب والسياسيين .. والأمن المُستَجدى

كلما تقدمنا في لبنان نلمس أكثر فأكثر الأسباب التي تجعل أكثرية ضباط المؤسسات الأمنية رهينة الأحزاب والزعماء والسياسيين ، وبالتالي هذه الوصاية تحول دون قيام المؤسسات الأمنية بدورها الوطني بالشكل الّذي ترغب فيه هذه المؤسسة أو تلك بما يخدم المصلحة العامة .

وكلما أراد رئيس جهاز إجراء تشكيلات في مؤسسته يتعرّض لشتى أنواع الإنتقادات بل هجومات شنيعة تستهدف تاريخه وكرامته دون أي ضوابط رادعة للمهاجمين الّذين يتسترون خلف طوائفهم وأحزابهم ويظنون أنهم فوق القانون ولهم الحق في استهداف من يشاؤون .

فمطلوب الجاهلية الّذي باتت مؤشرات التحقيق توحي بتورطه بلعبة الدم خلال مواجهة شبيحته لعناصر شعبة المعلومات بالسلاح وفراره آنذاك مخافة اعتقاله ، يشن حملة شعواء على مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان نتيجة حقد دفين في قلبه فيكيل له الإتهامات ويتعرض لكرامته كلما سنحت له الفرصة .

اليوم يسترسل بوعيده وتهديده بعد اتخاذ عثمان إجراء تعيينات قادة الوحدات ،حيث أصدر اللواء عماد عثمان برقية قضت بتعيين العميد أنطوان زكرى مساعداً أول لقائد وحدة الخدمات الاجتماعية العميد حنا فارس الذي يحال الى التقاعد في 6 من الشهر الجاري، لكن ما لبث عثمان ان تراجع عن البرقية منتصف ليل أمس. مع العلم ان الضابط الذي يشغل هذا الموقع هو ماروني من أصل ثلاثة موارنة في مجلس القيادة. 

وتؤكد المعطيات في هذا السياق ان الوزير جبران باسيل يطالب بتعيين العميد جان غريب قائداً لوحدة الخدمات الاجتماعية مكان العميد حنا فارس، وقد ضغط بشكل كبير لمنع عثمان من تعيين أي ضابط آخر لا يوافق عليه، مع تأكيد معنيين أن برقية تعيين غرّيب ستصدر خلال ساعات!

فإذا كان كل فريق سياسي وحزبي يعتبر أن له ضباطا” وقضاة محسوبين عليه طائفيا” وسياسيا” فعن أي استقلالية نتحدث وعن أية دولة نتباحث ؟ وكيف لضباط المحسوبية وقضاء الإرتهان لهذا أو ذاك أن يقوموا بوظيفتهم التي أقسموا بشرفهم أن يكونوا في خدمة الشعب والوطن وتحقيق العدالة ؟

جبران باسيل بات له حصة يفرضها في الأمن والقضاء ولا يخجل أن يقول القضاة المحسوبين علينا ، ووهاب يعلن عن ضباط لفريقه ، وهكذا حال الوطن المنهوب والمنكوب ، فمتى ستتحرر المؤسسات الأمنية والقضائية ؟ لأن الأمن بالتراضي جزء أساسي من خراب لبنان .