الزيارة التي قام بها وفد حزب الله في اليوم الثاني لإعلان الوفاة لا تبرر المقاطعة حتى الساعات القليلة السابقة

وسط حزنٍ يلفّ اللبنانيين على إختلاف إنتماءاتهم مع رحيل البطريرك صفير، إستثنى حزب الله نفسه من الحدث بشكل كامل، فلم يصدر أيّ بيان تعزية ونأى جميع نوّابه ووزرائه ومسؤوليه بأنفسهم عن الإدلاء بأيّ موقف كما إلتزمت قناته الرسمية “المنار” الصمت الكامل، حيثُ لم يرد في نشرتها الإخباريّة المسائية أمس أيّ خبر عن رحيل صفير.

الإستثناء هذا الذي أراده حزب الله قصداً كما يبدو لنفسه، كموقف سياسي في لحظة تاريخيّة برحيل رجل إستثنائي تجاه ما مثّله من صوت صاخب حتّى في صمته دفاعاً عن الكيان اللبناني، أتى إبتعاداً مُضاعفاً للحزب عن الهوية اللبنانيّة الشرعيّة وخروجاً فاقعاً عن العيش المشترك اللبناني بجناحيه المسيحي-المسلم، وتخطّياً غير اعتياديّ للعادات اللبنانيّة في تشارك الأحزان والأفراح.
قرار حزب الله هذا الذي إن أراد وضعه في إطار إستمرار مقاطعة شتّى علاقة مع البطريرك الراحل وما مثّله حتّى لحظة رحيله، هو في الحقيقة مقاطعة للصرح البطريركي ولرأس الكنيسة المارونية الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ولرعيّته أيّ الموارنة والمسيحيين ووجودهم في لبنان، مقاطعة لا بل عدم إعتراف بالآخر وبتاريخ نضاليّ لجزء كبير من اللبنانيين في سبيل قيام الدولة من قبل طرف لبناني يُولي وجوده لأنظمة غير لبنانية.

لا شك أنَّ بطريرك الكيان اللبناني مار نصرالله بطرس صفير الذي عُرِفَ بموقفه الصّارم إبّان الحرب بالمناداة لوقف كلّ مظاهر التّصادم لأجل وحدة اللبنانيين كما رفض الإحتلال السوري والسلاح خارج إطار الدولة ما بعد الطائف، سيبقى لمرحلة طويلة ومن عليائه هاجساً كبيراً لكلّ من عانق مجداً باطلاً على حساب مجد لبنان.

#صوت_لبنان